أشار المقرّر الخاص المعنيّ بالحقّ في الصحّة البدنيّة والعقليّة، داينيوس بوراس، في تقريره الأخير إلى أن الإدماج الاجتماعيّ والعلاقات تلعب دورًا أساسيًّا في تعزيز الصحّة العقليّة والرفاه
وأكّد على أنّه من خلال تركيز الدول على تفسير الاضطرابات العاطفيّة تفسيرًا فرديًّا وطبيًّا بيولوجيًّا، توجه انتباهها بعيدًا عن السياسات والإجراءات القائمة على الحقوق التي تعزّز في الواقع الحقّ في الصحّة.
وشدّد على أنّ “جودة العلاقات الاجتماعيّة أساسيّة وعلى أنّ العلاقات بين الأفراد والأسر والمجتمعات على مدار الحياة، وعبر الأجيال، وبين الحكومة والناس، وبين الأمم المختلفة، وبين البشريّة والطبيعة، حيويّة للصحّة العقليّة”.
وأضاف أنّ الوصول إلى الغذاء والسكن والتعليم والعمل شرط أساسيّ للرفاه العقليّ.
كما أشار إلى أنّ الهيكليّات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة تصقل العلاقات: إن في المنزل، أم في المدرسة، أم في مكان العمل، أم في أماكن الرعاية الصحيّة أم في المجتمع. وقال إن كلًّا من العلاقات المسيئة والعنف والتفاوت الاجتماعيّ يؤثّر بشكل خاص على المجموعات التي تعاني أوضاعًا هشّة، مثل الأقليّات والسكان الأصليّين والمثليّات والمثليّين ومزدوجي الميل الجنسيّ ومغايري الهويّة الجنسانيّة وحاملي صفات الجنسَيْن والأشخاص ذوي الإعاقة.
تنطوي خطّة العمل الخاصة بالصحّة النفسيّة لفترة 2013 – 2020، التي وضعتها منظّمة الصحّة العالميّة، على تعزيز الصحّة العقليّة من خلال العمل على تلك المحدّدات الاجتماعيّة بالذات. إلاّ أنّ الدول لم تحقّق بعد هذا الهدف.
كما أشار المقرّر الخاص في تقريره إلى ما يلي: “وقع عبء إدارة ومكافحة الضرر المنهجيّ الناجم عن تجاهل محدّدات الصحّة على الأفراد. فاضطرّوا بالتالي إلى أن يلجأوا إلى قطاع الرعاية الصحيّة العقليّة الذي غالبًا ما يفتقر إلى الموارد الكافية والمناهج المناسبة لمعالجة الإخفاقات الجماعيّة.”
وأكّد على أنّ مسؤوليّة تعزيز العلاقات الصحيّة القائمة على الثقة والاحترام والتسامح، تقع على عاتق الدول، عبر اعتمادها إجراءات تدعم الإدماج المجتمعيّ، وبيئات خالية من العنف، ومشاركة الناس في التنوع الثقافيّ.
وعلى الرغم من تحسّن مؤشرات الرفاه القائمة على الحقوق – مثل تراجع معدّلات الانتحار والفقر المدقع على المستوى العالميّ، والعنف بين الأشخاص، بالإضافة إلى تعزيز المساواة بين الجنسين – “لا تزال معارضة عدد من الجهات المعنيّة العالميّة القويّة بارزة، وهي تتصدّى للمبادئ العالمّية لحقوق الإنسان وتؤكّد على فشل النظام العالميّ ما بعد الحرب، الذي أسس لهذه المبادئ”، بحسب ما أشار إليه المقرّر الخاص.
كما وصف التقرير إطار الحقّ في الصحّة بالنسبة إلى الدول، الذي يتضمّن سياسات وتدابير تحدّد الأولويّات الماليّة المرتبطة بالتزاماتها الأساسيّة مثل تقديم الخدمات بدون تمييز واعتماد استراتيجيّات وطنيّة للصحة العامة.
كما رفع التقرير توصيات إلى الدول تشمل وضع الصحّة العقليّة في صلب القرارات الخاصة بالتنمية والمساعدة، ومراجعة السياسات الاجتماعيّة والعماليّة والاقتصاديّة كي تعزّز العلاقات المحترمة، وإلغاء الرعاية المؤسّسيّة للأطفال في موازاة منح الأولويّة للبنى التحتيّة التي تدعم الأسر في سعيها إلى الوصول إلى علاقات سليمة.
نقلا عن الأمم المتحدة