“التحدي الأكبر الذي يواجه كبار السنّ هو عدم أخذهم في الحسبان وكأنّهم غير مرئيّين. فلا يُعتَرَف بوجودهم. ولا يراهم أحد.”
تدرك إيدا موكوكا نامبييا كل الإدراك كيف يتمّ إغفال كبار السنّ وكأنّهم غير مرئيّين. وبصفتها من كبار المستشارين في برنامج “من جدّة إلى أخرى”، تقضي معظم وقتها في العمل مع مسنّات من جميع أنحاء إفريقيا. وقد تُرِكَت هؤلاء النساء لرعاية الأطفال، والعمل في وظائف غريبة، ودعم الأسر، وغيرها من المسؤوليّات الأخرى، في مجتمعات فقدت أجيالًا كاملة بسبب أزمة فيروس نقص المناعة البشريّة والإيدز.
وأكّدت قائلة: “لقد فعلن الكثير لحماية مجتمعاتنا. وبدونهنّ لانهارت مجتمعاتنا بأسرها.”
وأكّدت أنّ الجدّات يكافحن، وبشكل أساسيّ لأنّ لا أحد يراهنّ. فالتدخلات والمساعدات تركّز عادة على الشباب والأطفال. وحتى القانون الدوليّ لحقوق الإنسان يميل إلى التركيز على الشباب، وإغفال كبار السن.
وتابعت قائلة: “يدّعون أنّنا نتمتّع جميعنا بالحقوق، لكنّهم لا يتشاركونها مع كبار السن، وهي لا تشملهم. نطالب بأن يحدّدوا ماهيّة حقوق كبار السنّ. ويجب أن يتمّ تخصيص قانون لهم.”
شكّلت معالجة مواضع التقصير في مجال حماية حقوق الإنسان لكبار السن محور النقاشات الأخيرة التي أجراها مجلس حقوق الإنسان. وقد ركّزت على التحدّيات التي تواجه المسنّات، بالإضافة إلى ما يمكن تحقيقه عبر التعاون التقنيّ وبناء القدرات، فيتمتّع كبار السنّ بالحقوق بشكل أفضل.
تحد متفاقم
أمّا مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت فقد أكّدت من جهتها على أنّه يجب الاعتراف بمساهمات المسنات والاستفادة منها. فحوالى ربع النساء اللواتي تخطّين الستين يعملن، ومعظمهنّ في الزراعة وغيرها من وظائف القطاع غير الرسميّ، في حين أنّ 42 في المائة من النساء اللواتي تخطّين سن 65 يعملن في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وتابعت باشيليت قائلة: “يقوم العديد من المسنّات بأعمال منزليّة ورعاية غير مدفوعة الأجر، وهي وظائف لا يأخذها الاقتصاد الرسميّ في الحسبان، مع العمل أنّه في غيابها بالكاد سيتمكّن العديد من المجتمعات على الاستمرار. علينا أن ندعم خدمات الرعاية التي تحمي حقوق أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية وأولئك الذين يقدّمونها.”
وقد توصّل تقرير صدر عن مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان وتناول حقوق كبار السن، إلى أنهم يتعرّضون، في الكثير من الأحيان، للتمييز والإهمال والإقصاء وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان، كما أنّ المجتمع الدوليّ لم يولِ الاهتمام الكافي لتلك العقبات.
وتابع التقرير: “قد تعرِّض التصوّراتُ السلبيّة السائدة بشأن المسنين للخطر مشاركةَ كبار السن في الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال القضايا المتعلّقة بكبار السن في مجال حقوق الإنسان غير بارزة وغير متداول بها تمامًا.”
كما أثار تزايد عدد السكان من كبار السن التحدي المتمثل في الاعتراف بحقوق الإنسان الخاصة بهم وتحسينها. ففي العام 2018، ولأول مرّة في التاريخ، تخطّى عالميًّا عدد الأشخاص الذين تخطّوا الـ65 عامًا عدد الأطفال الذين لم يبلغوا بعد الـ5 سنوات، بحسب ما جاء في التقرير. ومن المتوقع أن يتضاعف عالميًّا، عدد الأشخاص الذين تخطّوا الـ65 عامًا مع حلول العام 2050.